أكلة الكشك امتداد لموروث غذائي شعبي قديم يحمل الدفء في شتاء السويداء.
السويداء صورة وخبر ـ تقرير عمر الطويل
تمثل أكلة الكشك المشهورة في محافظة السويداء، والتي تناقلها الأحفاد من الأجداد امتداداً لموروث غذائي شعبي قديم حمل الدفء معه في فصل الشتاء، كما أعطت للأجواء الاجتماعية رونقاً عبر جمع أفراد الأسرة أو الأصدقاء، أو الأقرباء لتناولها ضمن أجواء من الود، والمحبة.
ووفقاً للعادة المعروفة في السويداء تتمون معظم بيوت المحافظة من هذا الطعام المؤلف من مادتي البرغل، واللبن إما بتحضيره مباشرةً أو شرائهِ ليكون زاداً لذيذاً لها وحاضراً بين قائمة الوجبات خلال فصل الشتاء، وخاصة ًفي أيام العطل.
وتقول /لبانة إحكيمة/ إحدى الشابات إنها تعلمت من أم زوجها كيفية تصنيع مادة الكشك؛ بحيث أصبحت تعمل سنوياً على تحضيرها في فصل الصيف تجهيزاً للشتاء من خلال غسل مادة البرغل بالماء الساخن لتضيف إليها اللبن الرائب مرتفع الحموضة وتتركه عدة أيام ضمن أواني حتى يتشرب البرغل اللبن لتقوم بعدها بنثرهِ على قطعة قماش تحت أشعة الشمس لعدة أيام يتم خلالها تنشيفه بطريقة تسمى “الفرك” كي لا تتشكل منه كتلاً كبيرة تعيق عملية طحنه في المطاحن فيما بعد.
فيما تبين ربة المنزل /نوفا السمان/ أنها تعلمت من والدتها تحضير الكشك الذي يكون موجوداً، وتصنعه بشكل دائم ليكون حاضراً ضمن مؤونة المنزل لفصل الشتاء لديها موضحةً أن هذه الوجبة الغنية تعيض عن الكثير من الوجبات، ويطلبها جميع أفراد الأسرة، وتدخل في صناعة أغذية أخرى كالفطائر وما يسمى بالمعكرونة بالكشك وأكلة /العميشة/.
وقالت الجدة /لطفية الطويل/ إن هذه الأكلة كانت تحضر بشكل أكبر قديماً، وتفضل العديد من العائلات، إضافة الدهنة أو السمن العربي لها مبينة أن مادة الكشك مفيدة كونها تعتمد في مكوناتها على الإنتاج المتوفر من الأرض والثروة الحيوانية، وتتميز بإمكانية حفظها لمدة طويلة قد تتجاوز العام.
ومع التقدم الحاصل أصبح بإمكان العديد من الأشخاص الحصول على مادة الكشك جاهزة من الأسواق من خلال المحال التجارية أو عن طريق النساء اللواتي يلجأن لتصنيعها خلال الفترة الحالية ضمن مشروعاتهن الصغيرة ومنهن /باسمة الشيباني/ التي تجد بأن هناك طلباً على المادة رغم ارتفاع سعرها اليوم قياساً بالسنوات الماضية، بحيث وصل سعر الكيلو غرام الواحد منها إلى أكثر من عشرين ألف ليرة مقارنةً مع (٨ آلاف) العام الماضي. وتبقى أكلة الكشك من الأطعمة القديمة التي تحمل قيماً غذائية عالية، وتتطلب المحافظة عليها خلافاً للوجبات السريعة التي ظهرت، ولا تقدم لأجسامنا ما تحتاجه من غذاء متكامل.