أنواع النور
السويداء صورة وخبر ـ مقتطفات من كتاب نور الإله من سلسلة نور التوحيد ـ الشيخ سعود منذر
يقول الشّيخ الأكبر ابن عربي :
الأنوار على قسمين: أنوار أصليّة، وأنوار متولّدة عن ظلمة الكون، كنور قوله تعالى: ((وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ)).
ويقول: الأنوار على قسمين: نورٌ ما له شعاعٌ ونور شعشعانيّ.
فالنّور الشّعشعانيّ إن وقع فيه التّجلي ذهب بالأبصار. لأنّ المولى إن ظهر لنا بكلّيته صعقنا واندثرنا لأنّ المولى خلقنا بقدرات محدّدة لذلك تجلّى لنا بالحجاب (المقام الالهيّ وهو النّاسوت) وظهر لنا صورة بشريّة رحمة بنا وقال لنا أنا ربّكم فاعبدوني.
يقول الشّيخ ابن عطاء الله السّكندريّ:
نور يكشف لك به عن آثاره ، ونور يكشف لك به عن أوصافه.
ويقول: الأنوار مختلفة، نور الطّبع، ونور العقل، ونور الرّوح، ونور القلب، ونور السّر، وهو أعظم الأنوار وأجلها وأكملها. ولكلّ نور من هذه الأنوار، نور تأويل وتنزيل، وتحويل وتنقيل، ولكلّ مقام منها شرح ما تسعه الصّدور، فضلاً عن السّطور. ويقول: في الأصل نوعان:
نور مستودع في القلوب، ونور وارد في خزائن الغيوب.
فالمودَّع في القلوب بمثابة نور العين، والوارد من خزائن الغيوب بمثابة نور الشّمس.
ثم هو على قسمين: نور وَصَلَ لظاهر القلب ولم يدخل باطنه، وهو الذي أثّر فيه ولم يوجب إقداماً ولا إحجاماً، كالمواعظ التي تبلغ الحقيقة، والعلوم لم يقع لها صبغ في الباطل.
ونور داخل باطن القلب، وخالط بشاشته فأوجب الإقدام والإحجام على حكمه وهذا هو المعتبر والمطلوب، لأنّ النّور إذا دخل القلب انفسح وانشرح.
يقول الشيخ الأكبر ابن عربي:
الأنوار وإن اجتمعت في الإضاءة والتّنفير، فإنّ لها درجات في الفضيلة، كما إن لها أعياناً محسوسة، كنور الشّمس والقمر والنّجم والسّراج والنّار والبرق، وكلّ نور محسوس أو منوّر… كما أيضاً يتفاضلون في الإحراق، فإنّ الإضاءة محرقة مذهبة على قدر قوّة النّور وضعفه.
يقول الشيخ إسماعيل حقّي البروسويّ:
النور على أربعة أوجه:
أولها: نور يُظهر الأشياء للأبصار، وهو لا يراها، كنور الشّمس وأمثالها، فهو يظهر الأشياء المخفيّة في الظّلمة ولا يراها.
وثانيها: نور البصر، وهو يُظهر الأشياء للأبصار، ولكنّه يراها، وهذا النّور أشرف من الأوّل.
وثالثها: نور العقل، وهو يُظهر الأشياء المعقولة المخفيّة في ظلمة الجهر للبصائر، وهو يدركها ويراها.
ورابعها: نور الحقّ تعالى، وهو يظهر الأشياء المعدومة المخفيّة في العدم للأبصار والبصائر من الملك والملكوت، وهو يراها في الوجود، كما كان يراها في العدم، لأنّها كانت موجودة في علم الله، وإن كانت معدومة في ذواتها.
يقول الإمام القشيري:
النّور الذي من قِبَلهِ. نور اللوائح بنجوم العلم.
ثمّ نور اللوامع ببيان الفهم، ثمّ نور المحاضرة بزوائد اليقين ثمّ نور المكاشفة بتجلّي الصّفات، ثمّ نور المشاهدة بظهور الذّات، ثم أنوار الصمديّة بحقائق التّوحيد. وعند ذلك فلا وجد ولا فقد ولا قرب ولا بعد كلا، بل هو الله الواحد القهّار.
يقول أيضاً:
الأنوار إذا تلألأت في القلوب: نفت آثار الكلفة.
نور اليقين: ينفي ظلمة الشّك.
أما نور العلم: ينفي تهمة الجهل.
بينما نور المعرفة: ينفي أثر النّكرة.
ونور المشاهدة: ينفي آثار البشريّة.
وأنوار الجمع: تنفي آثار التّفرقة.
ويقول الشّيخ أبو العباس الحضرمي :
النّور يحصل به ثلاث: الكشف، والعلم، والتّحقيق.
ويقول الشّيخ بن عباد الرنديّ:
النّور يفيد كشف المعاني المغيّبات حتّى تتّضح وتشاهد.
يقول الشّيخ أحمد زروق:
إمداد الأنوار ثلاثة:
أولها: يقين لا يخالطه شكّ ولا ريب.
الثّاني: علم تصحبه بصيرة وبيان.
الثّالث: إلهام يجري بعد العيان.
يقول الشّيخ بن عطاء الله السكندريّ:
اسمه تعالى النّور يسرع إلى أهل الخلوات الفتح لكونه يأتي بالتّدريج، ولا يعطي الفتح الكلّيّ إلاّ نادراً.
يقول الشّيخ الأكبر ابن عربي:
التّعلّق: افتقارك إليه أن يجعلك نورا يُهتدى بك.
التّحقّق: النّور هو الذي يأنف لذاته، وينفر من أن ينسب إليه ما لا يليق به، ولا يقتضيه ذاته لذلك قال:
إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِه، فجعله من أكبر الكبائر، إذ النّور في اللغة هو النّفور، ولمّا كان منفراً للظّلمة سُمّيَ نوراً…
التّخلّق: من نفرت عنه الأشياء كلّها، خوفاً على نفسها أن تلحق بالعدم أو العمى أو العشىا.
وقال: اللّهم اجعلني كلّي نوراً، فجعله معصوماً يُقتدى به.
يقول الشّيخ ابن عطاء الله الآدمي:
يحتاج القائل قول لا إله إلا الله إلى ثلاثة أنوار: نور الهداية، ونور الكفاية، ونور العناية.
فَمَنْ مَنَّ الله عليه بأنوار الهداية: فهو من خواصّه.
ومَنْ مَنَّ الله عليه بأنوار الكفاية: فهو معصوم من الكبائر والفواحش.
ومَنْ مَنَّ عليه بأنوار العناية: فهو محفوظ من الخطرات الفاسدة.
أنواع نور الواردات
يقول الشّيخ أحمد بن عجيبة:
أوّلها: نور وارد الانتباه: ومن شأنه أن يكشف ظلمة الغفلة، ويُظهر نور اليقظة، فتحكم البصيرة بقبح الغفلة وحسن اليقظة، فيُقبل القلب حينئذٍ على ذكر ربّه، ويدبّر عما يُغْفِلهُ عن ربّه، وهذا: هو نور الطّالبين.
الثّاني: نور وارد الإقبال: ومن شأنه أن يكشف ظلمة الأغيار، ويظهر بهجة المعارف والأسرار، فتحكم البصيرة بضرر الأغيار وحسن الأسرار، فيقبل القلب على بهجة الأسرار، ويدبر عن ظلمة الأغيار، وهذا: هو نور السائرين.
الثّالث: نور وارد الوصال: ومن شأنه أن يكشف ظلمة الكون ورداء الصّون، ويظهر نور تجلّيات المكوِّن، فيقبل القلب على مشاهدة مولاه، ويدبر عن الالتفات إلى ما سواه، وهذا: هو نور الواصلين، وهو نور المواجهة، ونور ما قبله نور التّوجه.
وإن شئت قل: هو نور التّسليم والإيمان والإحسان، فنور التّوحيد يكشف ظلمة الكفر والعصيان، ويظهر نور الانقياد والإذعان (الرضى والتسليم)، فتحكم البصيرة بقبح الكفر والعصيان وحسن نور التّسليم والإذعان، فيقبل القلب على طاعة ربّه، ويعرض عما يبعده من ربّه.
ونور الإيمان يكشف ظلمات الشّرك الخفي، ويظهر بهجة الإخلاص والصّدق الوفي، فتحكم البصيرة بقبح الشّرك وضرره وحسن الإخلاص وخيره، فيقبل القلب على توحيد ربّه، ويعرض عن الشّرك وشرّه.
ونور الإحسان يكشف ظلمة السّوء، ويظهر نور وجود المولى، فتحكم البصيرة بقبح ظلم الشّرك وحسن نور التّوحيد، فيقبل القلب على معرفة مولاه، ويغيب بالكلّية عما سواه.
وإن شئت قلت: هذا النّور هو نور التّوحيد والطريقة والحقيقة.
فنور التّوحيد: يكشف ظلمة البطالة والتّقصير، ويظهر نور المجاهدة والتّشمير، فتحكم البصير بقبح البطالة وحسن المجاهدة، فيقبل القلب على مجاهدة الجوارح في طاعة مولاه، ويدبر عن متابعة حظوظه وهواه.
ونور الطّريقة: يكشف ظلمة المساوئ والعيوب، ويظهر بهجة الصّفاء وما يُثمره من علم الغيوب، فتحكم البصيرة بقبح العيوب وحسن الصفاء وعلم الغيوب، فيقبل القلب على ما يوجب التّصفية، ويدبر عما يمنعه من التّخلية والتّحلية.
ونور الحقيقة: يكشف ظلمة الحجاب، ويظهر له محاسن الأحباب.
أو: نور الحقيقة يكشف له ظلمة الأكوان، ويظهر نور الشّهود والعيان، فيقبل القلب على مشاهدة الأحباب داخل الحجاب، ويدبر عما يقطعه عن الأدب مع الأحباب.
أنواع الأنوار الحسّية والمعنويّة
يقول الشّيخ أحمد بن عجيبة:
الأنوار الحسّية ثلاثة: نور النّجوم، ونور القمر، ونور الشّمس.
والأنوار المعنويّة كذلك: نور الإسلام، كنور النّجوم، ونور الإيمان كنور القمر، ونور الإحسان كنور الشّمس.
أو تقول: نور الفناء في الأفعال كنور النّجوم، ونور الفناء في الصّفات كنور القمر، ونور الفناء في الذّات كنور الشّمس.
الأنوار والأذكار
يقول الشّيخ ابن عطاء الله السّكندريّ:
هناك قوم تسبق أنوارهم أذكارهم، وهناك قوم تسبق أذكارهم أنوارهم.
وهناك ذاكرٌ ذَكَرَ ليستنير قلبه، وهناك ذاكرٌ استنار قلبه بذكره.
النّور من حيث القوى.
يقول الشّيخ الأكبر ابن عربي:
لولا النّور ما أدرك شيء لا معلوم ولا محسوس ولا متخيّل أصلاً، وتختلف على النّور الأسماء الموضوعة للقوى. فهي عند العامّة: أسماء للقوى، وعند العارفين: أسماء للنّور المدرك به، فإذا أدركت المسموعات سمّيت ذلك النّور: سمعاً، وإذا أدركت المبصرات سمّيت ذلك النور: بصراً… فهو القوّة اللامسة والشّامة والذّائقة والمتخيّلة والحافظة والعاقلة… وكلّ ما يقع به إدراك فليس إلاّ النّور.
تقابل النّور والظّلمة.
يقول الشّيخ الأكبر ابن عربي:
ما من نور إلاّ في مقابلة ظلمة ، وكلّ ظلمة على قدر نورها، والأنوار متميّزة، وكذلك الظّلمة، ما من شيء إلا له مقابل.
نحن بين النّورين، نور شمس الحقيقة ونور قمر الشّريعة. فإذا جاء نهار الحقيقة تستضيء بنور شمسها، وإذا جاء ليل الشّريعة تستضيء بنور قمرها.
ونحن أرباب النّورين من النّور إلى النّور، فنحن كنّا في نور الشّريعة نسير وبالنّور إلى النّور نطير، وحالنا بين التّجلّي والاستتار. فعند تجلّي النّور الإلهيّ لقلوبنا وأرواحنا وأسرارنا يكفي لنا هذا النّور ولا حاجة إلى غيره حيث نور الشّمس تعطي القمر نوراً و بسطوع نور الشّمس لا يشاهد نور القمر فبظهور شريعة التّوحيد تغيب الشّرائع التكليفيّة كلّها.
تطلب المجموعة من دار الغطريف للنشر والترجمة ـ شرقي المحافظة
999047550 963+