المنسف العربي بالسويداء موروث اجتماعي وعنوان للكرم والضيافة 

السويداء صورة وخبر ـ تقرير عمر الطويل

يمثل طعام المنسف العربي بالسويداء موروث اجتماعي نابع عن عادات، وتقاليد اشتهرت بها المحافظة كعنوان للكرم والضيافة، وانعكاس لطبيعة الحياة التي كانت سائدة.

المنسف رغم تراجع تقديمه خلال الفترة الحالية جراء ارتفاع تكاليفه يبقى حاضراً، ويجمع أبناء المحافظة وضيوفهم في العديد من المناسبات مشكلاً حالة للقاء، والتشارك في الطعام بما يؤكد على المحبة، والتواصل، وإكرام الضيوف.

ويتكون المنسف بحسب الباحث في التراث /سلمان البدعيش/ من الملاحية المصنوعة من اللبن الرائب أو المجمد “الكثاء”، والبرغل، واللحم، والكبة ذات الأشكال المتعددة  منها القرص الذي يتم وضعه وسط المنسف، وما يسمى الهلاليات بجانبه، وفجة الرأس للخاروف فوقه، إضافةً لأقراص الكبة المقلية المحشوة بالجوز واللحم والبصل، والبهارات، ونوع أخر من الكبة المسلوقة، وكذلك السمن العربي.

وذكر البدعيش أن المنسف الواحد الذي يوضع خبز الصاج العربي يتم تقديمه عادة ضمن المضافة، وتترافق المناسف عند حملها بأغانٍ من قبل الشباب أقارب المضيف كدليل على الترحيب والكرم مبيناً أنها كانت توضع قديماً على الأرض بينما اليوم على الطاولات.

وبيّن البدعيش أنه عقب وضع المنسف، وإحضار الوعاء الذي يحوي السمنة /الكبشة/ يدعو صاحب البيت أحد الشخصيات الدينية، والاجتماعية المهمة لسكب، وتوزيع السمن على وجه المنسف بما يسمى بـ “التقفير” وإذا اعتذروا يقوم المعزب نفسه بهذه المهمة.

ووفقاً للبدعيش فإن المنسف لا يتسع لكل المدعوين للتقدم مرة واحدة لتناول الطعام لذلك يتقدم أولاً الضيف الذي أعُد من أجله أو الضيوف ثم أهل البلد المقامة فيها المناسبة حسب مكانتهم الاجتماعية أو سنهم موضحاً أن الأكل يتم بيد واحدة هي اليمنى ومن المكان الذي يقع أمام متناول الطعام حصراً، حيث لا يجوز أن تمتد يده يميناً أو شمالاً أمام الآخرين كما يجلس، وكتفه الأيمن للأمام باتجاه اليمين ليتسع المكان لأكبر عدد من الأشخاص.

وبيّن البدعيش أنه يمكن لأحد “المعازيب” أو أهل القرية أو البلدة إكرام الضيف باقتطاع قطعة من اللحم أو فجة الرأس أو من قرص الكبة الرئيسي، ووضعه أمامه لافتاً إلى أنه من أصول المنسف عدم نهوض أحد المعازيب عنه قبل أن يشبع الضيف مبيناً أنه عند الانتهاء من الطعام، ورفع المنسف لابد لشخص أو أكثر بدعوته إلى الغداء أو العشاء القادم، بحيث جرت العادة أن لا يتناول الضيف الطعام أكثر من مرة ضمن نفس المنزل بحيث يطعمه أكثر من شخص ضمن القرية، وذلك بما يرمز إلى التعاون والتكاتف بينهم.

وأضاف أنه عقب الانتهاء من الطعام أيضاً يجري صب ماء على أيدي الضيوف من قبل اليافعين في السن، وعندما ينتهي الضيف من الغسيل يقول /أجرك على الله/ فيكون الجواب عليه /سامحك الله/. وجرت العادة عندما تكون الوليمة كبيرة تحوي أكثر من منسف والمدعون كُثر تشترك كما ذكرى البدعيش عدة نساء من البيت أو الجيران أو الأقارب بإعداد المنسف، وخاصةً فيما يتعلق بتصنيع الكبب، ودق اللحم على بلاطة حجرية باستخدام مطرقة كبيرة من الخشب تسمى “الميجني”،  ومرس ما يسمى بـ “الكثاء”، وسلق اللحم بالوعاء الكبير الذي يسمى “الدست”.

الصور بعدسة أكرم الغطريف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى