حكاية قصة

السويداء صورة وخبر ـ مقتطفات من المجموعة القصصية كريما بيضاء للكاتب فراس المحيثاوي

في ركنٍ ما.. في مقهىً ما.. جلس أحدهم، فَرَدَ جريدة أمامه، لم يكن يقرأ حقّاً، بل كان يستتر وراء الأوراق؛ ليبحث عن شيءٍ ما دون أن يلفت الأنظار.

جاء النادل ليدوّن رغباته ـ “لاحظوا أنّ النادل ـ هنا ـ نكرة ومعرفة في نفس الوقت” ـ، أمّا القهوة التي طلبها هذا (أحدهم) فهي معرفة تماماً؛ لأنّه لا يهمّ أن تكون سادة أو وسط أو حلوة.

طبعاً لا يمكنني أن أتابع كتابة هذه القصّة ببطلٍ مجهول؛ عليّ إذاً أن أعرفه، ولكن كيف؟!

هل أجعله رجل أمن جاء إلى المقهى ليبحث عن مشبوه ما؟

هل أجعله مشبوهاً يتلفّت حوله مضطرباً؟

أو ربّما أجعله شابّاً ينتظر مرور فتاته أمام المقهى ليلحق بها؛ وبهذا أضمن رواج القصّة.

طبعاً، إذا جعلت بطلي رجل أمن فلديّ خياران:

ـ فإمّا أن أجعله محقّقاً جنائيّاً يطارد مجرماً هارباً

ـ أو أن أجعله مخبراً يراقب شابّاً ـ ربّما ـ ينتمي إلى جماعة ما.

وكما هو بديهي سيحصل نفس الشيء لو جعلته مشبوهاً ـ مع تبادل الأدوار ـ.

ولكن ماذا لو جعلته عاشقاً؟

هل سيكون طالباً أم موظّفاً؟

أو قد يكون متبطّلاً ديدنه التسكّع وراء الفتيات ليقضي وطره منهن.

أمّا الفتاة، فلتكن موظّفة، أو طالبة، أو مجرّد فتاة عاديّة ذاهبة لزيارة بعض لداتها ـ وليعذرني مجمع اللغة العربيّة ـ والثرثرة معهنّ.

أيّاً تكن طبيعة الفتاة وشخصيتها لا مشكلة طالما أنّها ليست بطلة القصّة.

غير أنّ كلّ الحالات الآنفة الذكر، ما هي إلّا خطوط متوازية شديدة التقارب تمشي بخطىً مستقيمة نحو المطبّ الذي سينسف جدوى القصّة.

فسواءً كان البطل رجل أمن يلاحق مشبوهاً،

أو كان مشبوهاً هارباً،

أو عاشقاً يترقّب مرور فتاته،

ستكون هناك إحدى نتيجتين:

يحدث أو لا يحدث.

رجل أمن يقبض على المشبوه أو لا يقبض.

مشبوه ينجو أو لا ينجو.

عاشق يقيم علاقة مع فتاته أو لا يقيم.

وجميع هذه الحالات مكرّرة بشكل مضجر في تاريخ القصّة.

يبدو أنّ الكتابة مهنة عسيرة؛ يجب أن أجد عملاً آخر.

حقوق النشر محفوظة يرجى عدم الاقتباس أو الاستخدام دون موافقة دار النشر الخطية

تطلب المجموعة من دار الغطريف للنشر والترجمة ـ شرقي المحافظة

999047550 963+

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى