عادات وتقاليد الأعراس في السويداء قديماً .. رونق خاص وجمالية مستمدة من طبيعة حياة الأجداد

السويداء صورة وخبر ـ تقرير عمر الطويل

اتسمت عادات، وتقاليد الأعراس في السويداء قديماً برونق خاص وجمالية مستمدة من طبيعة الحياة التي عاشها أبناء المحافظة في تلك الفترات لتبقى شاهداً على تراث محلي، وذلك رغم اختلافها اليوم بشكل واضح عما كان سائداً.

وعادات وتقاليد الأعراس في السويداء اليوم تبدلت في مسائل كثيرة كما يذكر العديد من أبناء المحافظة فليلة الحناء زالت، وحلت مكانها صالونات الحلاقة والتجميل، وراحلة العروس أصبحت السيارة بدلاً من الفرس الأصيل، وانتهى رفع العمدة و “الشوباش” وتغير لباس العريس من العباءة المقصبة إلى الطقم، وربطة العنق، وثياب العروس الطويلة والطربوش المرّصع بالذهب إلى الإكليل والتاج.

تفاصيل تلك العادات كانت تبدأ مع إرسال أهل الشاب الراغب بالزواج إلى أهل الصبية المراد التقدم إليها شخصاً لمفاتحتهم بالموضوع فإذا قدّموا لهم طبقاً من الحلوى كالزبيب، والتين وشاركوه في الأكل يعني ذلك موافقتهم المبدئية في الوقت الذي يتوجب فيه على الأم أو الأخت أو العمة الخاطبة تفحص العروس بطريقة غير مباشرة كأن تقبلها لترى هل لفمها رائحة أو تنام في بيتها لتكشف محاسن جسمها، ونظافتها ومقابل ذلك تفصح أمامها عن صفات العريس وطباعه.

ويكلف أهل العريس عقب الموافقة وجهاء بلدهم ليخطبوا البنت من أهلها ويسمى ذلك بـ “الكدة” التي يتم فيها تبادل المجاملات بين الفريقين، والتي ما زالت موجودة ليومنا هذا بحيث كان يشاور الرجل ابنته أو أخته بالأمر ليعلن القبول أو الرفض وعند الموافقة يتفق على المهر، والمقدم، والمؤجل والحلي، ويدعو والد العروس أقربائه وأهل العريس أقربائهم وأصدقائهم وجيرانهم إلى حفلة الخطوبة التي تقدم فيها الحلوى للمشاركين، وطوال هذه الفترة لا يجوز للخاطب أن يخلو بخطيبته وعند زيارته يجب أن يحضر أحد أفراد أسرتها الراشدين.

وإحدى أبرز عادات ما قبل حفلة الزفاف والتي تبقى مستمرة  ولا يمكن التخلي عنها ما يسمى ب “عقد الأجاويد” الذي يجري ضمن منزل والد العروس بناءً على اتفاق الطرفين حيث يتقدم أحد رجال الدين، ويكلف رجلاً ليكون وكيلاً للعروس يسألها عن رضاها في الزواج بينما يفوض رجلاً آخر ليكون وكيلاً عن العريس وبعد عودة الوكيلين من التشاور يجلسان متقابلين، وتتشابك أيديهما اليسارية، وتربط إسوارة بإبهاميهما ومقابلهما رجل الدين يسأل ولي الزوجة عن رضاه ثم يفتتح العقد بالقول بمشيئة الله اجتمعنا لإقامة العقد فعلى الحضور ترك ما في أيديهم وبسطها فيتقيد الجميع بقوله، ويصغون احتراماً لذلك حيث تقرأ الفاتحة وعدة سور من القرآن الكريم ومع الانتهاء يأتي ذوي العريس وبأيديهم مناسف الحلوى التي يدار بها على الجميع وعندها تصبح العروس من حق عريسها يستطيع زفها إلى بيته في أي وقت يُتفق على موعده مع أهلها.

وكانت تقام للعروس قبل ليلة الزفاف ليلة الحناء فتطلي بهذه المادة التجميلية كفاها، وعقد أصابعها وأظافر يديها، كما يقام لها عشاءً حيث يولم لها أهلها الطعام لرفيقاتها وهو غالباً المنسف الجبلي المشهور فيما يتوافد الشبان من أهالي البلدة والأقارب إلى بيت العريس قبل موعد الزفاف ليقيموا ما يسمى /التعليلة/ التي تكون قبل موعد الزفاف بيومين أو ثالثة، وتجري فيها الأهازيج والرقصات، والدبكات كمقدمة للعرس الأكبر.

وكان العريس يُدعى إلى بيت صديق له لأخذ حمام العرس ما يعرف بـ “غسيل العريس” الذي تبدلت تفاصيله كثيراً اليوم ثم يعود بصحبة من يكون حاضراً إلى بيته للانطلاق في موكب إلى بيت العروس التي تخرج برفقة أخوها الأكبر إلى باب الدار، حيث ينتظرها جواد أصيل لتمتطيه أو مشياً على الأقدام إذا كان بيتها قريباً، وهنا يقف أحدهم في مكان عال، ويعلن بصوتٍ مرتفع أسماء الذين قدموا نقوطاً للعروس أي الذين تبرعوا ببعض النقود مردداً عبارات الدعاء والمجيد لهم تباعاً بطريقة تدعى /الشوبشة/.

ويتقدم موكب العريسين الرجال الذين يرددون الأغاني التقليدية والجوفيات بينما تغني النسوة أغنيات موجهة لأهل العروس تتضمن عبارات الشكر، والامتنان حيث بقيت هذه العادة موجودة ومحافظاً عليها لدى الكثيرين، كما كان يوجد عادة تسمى بعملية رفع العمدة التي هي عبارة عن حجر كبير يتوجب على العريس أو أحد أقرباؤه رفعها كدليل على الرجولة.

وعقب وصول الموكب إلى بيت العريس يقف العروسان معاً، وتتقدم أخوات وقريبات وأم العريس لينشدن مقطوعات شعرية قصيرة شعبية تحمل معها تعظيم للعروسين وأهلهما، وتعرف بـ ” المهاهاة ” ثم تدخل العروس بيتها، وتجلس على مرتبة عالية مع عريسها وينفصل الشباب عن الشابات ويقدمون الأغاني والدبكات على أنغام الشبابة والمجوز وتستمر الأفراح في الدار إلى منتصف الليل ثم يحضر للعروسين قبل دخولهما غرفتهما قطعتين من خميرة العجين ليلصقاها على باب الغرفة المخصصة للزفة كرمز للرباط المقدس بينهما.

وكانت العائدة السائدة لليوم التالي لحفلة العرس توافد النسوة المتزوجات إلى بيت أم العروس فيقدمن النقوط، ويأكلن الكبب النية، و يتناولن الحلوى فيما يأتي الرجال إلى بيت العريس لتقديم التهاني، وتناول الطعام الذي تقدم فيه المناسف التي أعدتها النسوة كما يحضر الأقارب فقط، وتقام سهرة فرح محدودة بنفس اليوم ينتهي بها العرس، كما يأتي أهل العروس وأقاربهم من الرجال والنساء إلى منزل ابنتهم حاملين معهم الهدايا، وهي عادة مازالت موجودة وتسمى بـ “ردة الرجل” بحيث يولم لهم العريس وليمة، وتجري عزيمتهم من أقاربه وجيرانه للضيافة مما تيسر بمنازلهم، وبعدها تستطيع العروس زيارة أهلها حيث تكون الزيارة الأولى برفقة زوجها وأقاربه فيقدم لهم الغداء، وبذلك تكون رجِل العروس قد ردت بالعودة إلى بيت أهلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى