في مديح العدم ـ قصة قصيرة

السويداء صورة وخبر ـ مقتطفات من المجموعة القصصية كريما بيضاء للكاتب فراس المحيثاوي
ربّما كنت تفضّل لو أنّهم كانوا قد أخذوا رأيك قبل أن يأتوا بك إلى هذه الدنيا لتجد نفسك واقعاً في شرك الفضول، ومن ثمّ يبدأ هذا الفضول بالتكاثر طرداً مع ازدياد مقتنياتك المعرفيّة (عذراً على التكلّف في الاصطلاح).
وربّما تمنّيت دائماً لو كنت بمنجى من عقدة الانجذاب للنقيض! تلك العقدة التي أوقعتك في غرام (ريما) التي حاولت قولبتك فَفشِلت، ومضت تاركة ندوباً عميقة في روحك.
وربّما حلمت يوماً بالتخفّف من هواجس الكتابة، عندها قد تتوقّف مطاردتك للمخيّلة ــ سعياً وراء (نصّ مختلف، أو نصّ محرّض، أو نصّ يضيف بصمة) ــ عن امتصاص سلامك الداخلي.
وربّما لو تأنّيت أكثر وتصفّحت كرّاس جوّانيّتك بعمق لما اخترت الزواج بـ(وفاء) عازفة الغيتار المتمرّدة التي راحت منذ البداية؛ تشهر بوجهك مفهومها عن الحرّيّة، وتقذفك باتّهامات جاهزة وتعابير مسبقة الصنع، تصب في خانة الذكوريّة والشرقيّة كلّما اختلفتما في الرأي؛ لتباغِت بفقدان التناغم وتُعرقل مشروعك الإبداعي ليسقط بطلقات اليومي والعادي.
ولكنّ مشكلة الأحداث أنّها تقع، وسواءً أكنت شجاعاً في مواجهة الحياة أم تخاذلت؛ ستجد نفسك ــ في النهاية ــ وحيداً.. وحيداً تماماً.

حقوق النشر محفوظة يرجى عدم الاقتباس أو الاستخدام دون موافقة دار النشر الخطية
تطلب المجموعة من دار الغطريف للنشر والترجمة ـ شرقي المحافظة 999047550 963+